انفعل الإعلامى محمود سعد، وغضب من جملة «مافيش إخوان»، التى قالها المشير السيسى فى حواره، وقال معترضاً: «يعنى إيه نرمى خمسميت ألف بنى آدم فى البحر»؟!، يا أستاذ محمود يا صديقى العزيز، أنت بالطبع تعرف دلالة الكلمة، وإن «مافيش إخوان» لا تعنى إعدامهم ودفنهم فى مقابر جماعية، ولا تعنى إلقاءهم فى البحر ولا تعنى أن مافيش إخوان فى الحياة، بل تعنى مافيش إخوان فى الحياة السياسية، مافيش حكم إخوان للمصريين مرة أخرى، هذا هو المعنى الذى تعرفه أنت ببساطة، ولم يكن محتاجاً منك كل هذا اللف والدوران واللعب بالكلمات، أما بالنسبة للعدد الذى ذكرته، سواء خمسمائة ألف أو ستمائة ألف إخوانى والذى تعتمد عليه فى استحالة تحييدهم سياسياً، وعدم السماح لهم بالتحكم فى رقابنا باسم الدين مرة ثانية، فإن العدد لم يكن فى يوم من الأيام مبرراً للسماح للفاشية بتسميم آبار الحياة السياسية التى نشرب منها جميعاً، فالنازيون فى ألمانيا ضعف هذا العدد، ولكن لا يمكن أن يفكر ألمانى مجرد تفكير فى أن يحكم مرة أخرى باسم النازية ويقتبس شعارات هتلر ويسوقها حزبياً، حتى ولو حازت أغلبية وموافقة الشعب الألمانى كله، بل ستندهش أكثر إذا عرفت أن السيكوباتيين فى أى دولة فى العالم يمثلون ما بين نصف فى المائة إلى واحد فى المائة من مجموع الشعب يعنى فى مصر عددهم يتراوح ما بين النصف مليون إلى مليون بنى آدم، فهل نحن نرميهم فى البحر؟، لا ولكننا أيضاً لا يمكن أن نسمح للسيكوباتيين بأن يحكمونا، والسيكوباتى إنسان مندفع لا إحساس لديه بالذنب، ولا بالندم، ولا بالضمير، ولا بالوازع الأخلاقى، ومدمن كذب درجة أولى، ولا عواطف لديه، لا يستطيع تأجيل إشباع رغباته الشخصية، ومن الممكن أن تكون شخصيته الظاهرية كاريزمية جذابة، ولكن عند الجد ينقلب ذئباً بشرياً، والكارثة أنه لا ينفع معه لا سجن ولا عقاب، يعنى hopless case «حالة ميئوس منها»، كان لا بد من أن نكتوى بالنار لكى نعرف أن الإخوان حرق من الدرجة الثالثة التهم كل جلد الجسم ولن تجدى معه المحاليل ولا المضادات، كان لا بد أن يحكمونا، لكى نعرف أنهم جاءوا ليغيروا ويشوهوا «الدى إن إيه» للهوية المصرية ويسيطروا على نواتها كالسرطان، جربنا كذبهم ولغتهم السوقية البذيئة وقتلهم وسحلهم واستعلاءهم وتحريضهم واستباحتهم للآخر، الذى ليس هو المختلف عنهم فى الدين فقط، بل هو ببساطة غير الإخوانى الذى هو خارج دائرة العصابة، جربنا كل هذا الخراب الروحى ولن نسمح به ثانية إلا إذا كنا شعباً من المازوخيين، محبى ومدمنى ومستلذى تعذيب الذات. نحن سنبنى مصر حتماً وسنكمل الطريق وسنبتهج، لأنه ببساطة لا يوجد شعب يموت بالإرهاب مهما كان حجمه ودرجة خطورته، حقاً سيمرض وتصيبه وعكة، لكنه لا بد أن ينهض من جديد، من يريد منهم أن يبنى معنا ويندمج ويعود مصرياً حتماً سيقبله النسيج المصرى ولن يرفضه، لكن أن يصر على أن يقول ويعلن أنا إخوانى ويحكم بهذه العقيدة، فهذا معناه أن انتماءه الأول ما زال للتنظيم، ما زال للتكفير، ما زال للبنا وقطب، ما زال للعنصرية، لذلك عبارة «مافيش إخوان»، يعنى «مافيش حكم إخوان» هى حجر الأساس فى بناء مصر الجديدة، وأنه لا يمكن لأحد أن يتخيل أننا سنلقيهم فى البحر، كما تقول يا أستاذ محمود، لكنهم سيعيشون معنا على البر، طالما آمنوا بأن حدود هذا البر هو مصر الوطن، لا جماعة الإخوان.